كتب عبدالله كمال العدد 1674 - الاحد - 19 ديسمبر 2010
في يوم 10 نوفمبر الماضي، كتبت هنا مقالا عنوانه: (رهان أمين التنظيم)، واختتمته بالتوقع التالي: «سوف يواجه أمين التنظيم حملة شرسة خلال الانتخابات وربما بعدها، والاحتمال الأقوي أنه سوف يتعرض لتلك الحملة إذا ما حصدت الأساليب التنظيمية انتصاراً متوقعاً، والمؤكد أن بعض الصحف سوف تستخدم أدوات في إحداث وقيعة بينه وبين قيادات الحزب.. وقد جرت محاولات مكشوفة لذلك من قبل..».
لا أعود إلي هذا التوقع كي أثبت أنني تنبأت بما سوف يجري، أي متابع بسيط للمناخ السياسي كان يمكنه أن يدرك هذا، والكثيرون يتابعون الآن ما يتعرض له المهندس أحمد عز من مختلف أصوات المعارضة، خصوصا مجموعة الخاسرين الأشهر الذين يقولون إن لديهم (برلماناً موازياً) سيعلنون تأسيسه، وبعض أصوات حزب الوفد، وصحيفتي الدستور والوفد، بخلاف جريدة المصري اليوم، وعدد من الضيوف في البرامج.
أحمد عز يدفع ثمن قيامه بمهامه الحزبية، وأدائه لدوره، وخلاصته أن عليه أن يقوم بأفضل جهد من أجل تحقيق أهداف الحزب الذي ينتمي إليه، لا أعتقد أنه كان عليه أن يتهاون أو يتكاسل كي يرضي عنه المعارضون والخارجون من البرلمان.. إلا إذا كانت تلك الأحزاب وهؤلاء المعارضون يعتقدون أنهم وحدات حزبية تابعة للحزب الوطني ولابد لها من نصيب في فوز الوطني.
سواء سموه (مجلس عز)، أو وصل التطاول السياسي حد الهجوم العائلي والأسري علي أمين التنظيم في البرامج التليفزيونية، أو التربص الفوتوغرافي، أو أي من تلك الأمور المعتادة.. فإنني أعتقد أن أمين تنظيم الحزب الوطني إن كان قد تعود علي مثل تلك الحملات المنتظمة.. فإنه ليس عليه أن يلتزم الصمت تجاهها.. وأن يتعامل معها.. توضيحا وردا.. بدلاً من أن تختصر المعارضة الخاسرة خذلانها في أن تلقي بالعبء كله علي أحمد عز.. وتقرر أن يكون هو خصمها الوحيد.. كما لو أنه لو لم يكن هناك أحمد عز لكانت المعارضة قد فازت بأغلبية البرلمان.
عشرات من النواب الفاشلين يؤمنون الآن بأن لديهم معارك شخصية مع أمين تنظيم الوطني، كل منهم يعتقد أن قرارا (شخصيا) قد صدر من عز حتي يتم إبعاده عن دائرته التي كان يسيطر علي مقعدها.. ومن ثم فإن لديه بدوره ثأراً شخصياً مع عز.. لابد أن يسدده.. ولو سدد أمين تنظيم الوطني كل هذه الفواتير فلابد من توفير عشرات الاستنساخات منه كي تشفي المعارضة غليلها.
نفذ أحمد عز خطة حزبية، ولا يعني هذا أن علي المعارضة أن تنقل ثأرها منه إلي الحزب الوطني برمته، هذا كلام غير منطقي، وإنما عليها أن تثأر من نفسها هي بالمحاسبة الذاتية، والمراجعة، والتدقيق، وأعمال الحسابات المنطقية فيما جري وما كان ينبغي له أن يتخذ.. وأن تصارح نفسها بسلبياتها.. لا أحمد عز ولا أي من قيادات الوطني قال لحزب الوفد إنه يمكنه أن يرشح الفنانة سميرة أحمد في دائرة باب الشعرية.. ولا هو ولا أي من قيادات الحزب الوطني قال لقبائل كوم أمبو ومركز نصر النوبة إن عليها أن تتحالف لإسقاط مرشح اسمه محمد العمدة.. كما أنه لم يقل للوفد أن يسلم ذقنه للوافدين ويخوض صراعاً داخلياً مع الوفديين.. ولم يحدد للحزب الناصري مرشحيه الذين حصدوا صفراً في الانتخابات.
وتخطئ المعارضة حين تعتقد أن هذه الحملة سوف تخصم من رصيد أحمد عز السياسي، بل علي العكس هي تضيف إليه.. وتمنحه مزيداً من النقاط في سياقات حزبه.. لأنه نفذ الخطة.. وحقق الهدف.. وتمكن من أن يلبي مسعي الحزب الوطني في تحقيق الأغلبية التي يريدها.. استناداً إلي خطة محددة.. واتساقاً مع عمل مؤسسي لا يقوم علي فرد.. وقياماً بدوره مع بقية الأدوار التي قام بها كل قيادي في الحزب.
ليس هذا دفاعاً عن أحمد عز، وإنما هو تنبيه للمعارضة التي استمرأت الحملة عليه كي تنسي الاستحقاقات الواجبة عليها، الهجوم علي أمين تنظيم الوطني لن يعيد تلك الأحزاب إلي الساحة السياسية، ولن يرجع هؤلاء النواب الخاسرين إلي مقاعد البرلمان.