مقال منشور فى اخبار اليوم بتاريخ 13/09/2008
ولا عزاء لحديد عز!
بقلم: ممتاز القط
أحمد عز أصبح فجأة هو المتسبب الأول في كارثة الارتفاع الجنوني في أسعار البناء، وتردد اسمه كمحتكر لصناعة الصلب، رغم وجود العديد من المصانع الكبري الخاصة بتلك الصناعة. وتعرض لحملة ابتزاز في إطار الخطة المحكمة لضرب رموز وقيادات الحزب الوطني، بالحق في أحيان نادرة، وبالباطل في معظم الأحيان!!
خبراء البناء يؤكدون بالأرقام والوثائق أن ارتفاع أسعار الحديد، ليس سببا من الأسباب الرئيسية وراء حمي ارتفاع أسعار البناء، حيث إن تكلفة شراء الحديد اللازم لأي عقار تمثل في مجملها نسبة لا تزيد علي ٥١٪ من أسعار تكلفة البناء، وهي النسبة التي تم حسابها في الأوقات، التي وصل فيها سعر الحديد إلي ذروة ارتفاعه.
فتكلفة البناء تعتمد أساسا علي تكلفة شراء الاراضي، التي وصلت لأرقام فلكية، والاسمنت والزلط والرمل، والتوصيلات الكهربائية وتوصيلات المياه، والسباكة والتشطيب، والتي أدي الارتفاع المتواصل فيها إلي ارتفاع التكلفة الاجمالية للبناء.
وكان أحمد عز هو الضحية، التي انطلقت إليها كل سهام صحف المعارضة، التي وجدت في عمله كمستثمر صناعي، ووضعه الحزبي، سببا كافيا لتصب عليه حمم غضبها، واتهامه بانه السبب الرئيسي لارتفاع تكلفة البناء والعقارات***
ساعد علي رواج فكرة احتكار أحمد عز لصناعة الحديد والصلب، ما تشهده الأسواق من نقص حاد في حجم المعروض من حديد عز، وهو حجم يقاس بحجم الطلب الكلي علي سوق الحديد، وأيضا جودة المنتج، وهو ما أدي لزيادة إقبال الناس علي شراء حديد عز، لتمتعه بجودة ومواصفات خاصة. كان من الطبيعي ان يتزايد الطلب علي حديد عز، وهو ما أدي لاحساس الناس بنقص الكميات المعروضة منه، والتي يخضع انتاجها لعوامل كثيرة، أهمها حجم الانتاج الكلي بمصانع عز، وتأثره بدورات التشغيل، وضرورة ضمان استمرار الانتاج بمعدلات محددة، وفقا لحجم المواد الأولية التي يتم استيرادها.
جاء الهجوم الضاري علي أحمد عز، رغم ان أسعار السوق تؤكد انه أقل أنواع الحديد سعرا، بالإضافة لكونه الأكثر جودة ومطابقة للمواصفات والأكثر طلبا، وهو ما أدي للشعور النفسي لدي المتعاملين بالسوق، بأن هناك تعمدا لخفض كمية الانتاج، وهو اتهام تدحضه وتكذبه رغبة أي مستثمر في زيادة انتاجه، وبالتالي زيادة أرباحه، واعتقد جازما ان زيادة حجم الانتاج تمثل مطلبا يسعي أحمد عز وشركاته لتحقيقه، من باب السعي الدائم للقطاع الخاص لزيادة معدلات الأرباح.
لقد تابعت وسائل الإعلام علي مدي الأسبوعين الماضيين، وكيف كانت معالجتها لأزمة أسعار الحديد، وكم كانت دهشتي عندما وجدت اتهاما جديدا يلحق بكل الاتهامات السابقة، التي طالبت برأس أحمد عز، لانه المتسبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الحديد.
الاتهام الجديد جاء هذه المرة بأن أحمد عز يبالغ في خفض أسعار الحديد، بطريقة تلحق الضرر بكبار مصنعيه في مصر، حيث بدا واضحا من متابعة أسعار الحديد، ان هناك فارقا يدور في حدود ألف جنيه للطن الواحد، لصالح حديد عز.
ووفقا لتقارير وزارة التجارة والصناعة، التي صدرت منذ يومين، فقد انخفض حديد عز بقيمة ٠٢٨ جنيها للطن، ليباع للمستهلك بسعر ٠٥١٦ جنيها، علي حين سجلت الأسعار زيادات مختلفة، وصلت لما يقرب من ألف جنيه. وبدأت هذه الشركات الحديث عن ان هناك خفضا مبالغا فيه، بالنسبة لتكاليف الانتاج. وهو ما يلحق بها أبلغ الضرر. علي حين التزمت شركات حديد عز بقواعد السوق وتذبذب الأسعار، ارتفاعا أو هبوطا وفقا للأسعار العالمية.
***
ان قضية أسعار الحديد ظلت مثارا للجدل والنقاش، وحاولت مجموعة شركات عز منذ أكثر من ٥ أعوام، ان تشرح للناس حقيقة الأسعار، والأسباب التي تؤدي لزيادتها، والتي يتعلق معظمها بتكلفة واردات هذه الصناعة، والتي تشهد زيادات مطردة منذ عدة أعوام.
ولا نبالغ، عندما نقول ان الشكوي من ارتفاع أسعار الحديد، تصدرت معظم اهتمامات كل وسائل الإعلام العربية والعالمية، لان هناك ارتفاعا كبيرا في موادها الأولية، وهو ما ينعكس في النهاية علي سعر المنتج. ومع كل ارتفاع جديد في الأسعار العالمية، تتصدر شركات حديد عز قائمة الاتهامات، باعتبارها المنتجة لأكثر الأنواع طلبا من جانب المواطنين، أي ان شركات عز بدأت تدفع ثمن الجودة والشهرة، وكونها الأفضل من حيث نوعية الانتاج. ولم يكن غريبا أن تلاحقها هذه الأيام الاتهامات، بأنها تبالغ في خفض الأسعار!!
امبراطورية حديد عز، إن كانت تدر الملايين علي صاحبها والمساهمين فيها، فإن ما يعنينا أولا وأخيرا هو التزامه بأداء مستحقات الدولة من رسوم وضرائب.
يعنينا عشرات الآلاف من كوادر مصر ومهندسيها وعمالها، الذين يعملون بشركاته وباستخدام تكنولوجيا صناعية متطورة، ننافس فيها دولا صناعية كثيرة.
يعنينا سوق مفتوح تتفاعل فيه آليات العرض والطلب، التي حتما ستصب في النهاية لمصلحة المواطن المصري.
يعنينا ألا تكون هناك ردة أو تراجع عن افساح المجال لدور أكبر للقطاع الخاص.
وأعتقد أنه آن الآوان لأن نفصل تماما بين عمل أي مواطن، وبين وضعه كحزبي وسياسي، دون خلط للأوراق في سوق الحرية العشوائية التي يعيشها إعلامنا، الذي وصل للدرك الأسفل، من جراء ممارسات صحف الابتزاز والاثارة، التي تنشر سمومها وأحقادها بلا حسيب أو رقيب.